” أحلام لا تتوقف “
رهف الإدلبي
الحلم أحياناً يكون صغيراً، ولكنه يكون عند البعض شيئاً كبيراً لا بد من بذل الكثير من الجهود لتحقيقه.
“دانة طباع”، من مدينة إدلب، ومن مواليد دولة الكويت، عمرها 30 سنة، ودرست في المعهد التقني لإدارة الأعمال، وحصلت على الشهادة، ولكن الظروف التي مرت بها كانت كفيلة بالقضاء على أحلامها الصغيرة.
“دانة” أرملة ولديها طفلان، بدأت معاناتها في عام ٢٠١٦، وروت لنا أحداث هذه السنة التي وصفتها بالمخيفة والمرعبة التي لا تستطيع نسيانها قائلةً: “بدأت الأحداث المرعبة تتوالى.. أخي الصغير عمره 17 عاماً استشهد بقذيفة صاروخية، وبعد مرور عشرين يوماً تم اعتقال أخي الثاني وزج به في سجون النظام، كان الحزن والألم يعم منزلنا بالكامل، وخصوصاً والدي المصاب بمرض السكري، الذي بدأت حالته الصحية تتدهور سريعاً، وبسبب القهر الذي وصل إليه قرر الطبيب بتر قدميه الاثنتين، سألت نفسي ماذا بعد؟ وما الذي يخبئه القدر لي ولعائلتي؟”
بعد مرور شهر تقريباً، استشهد زوج دانة بغارة جوية على المدينة، وأصبحت تشعر بتعب شديد وخوف كبير على مستقبل أطفالها، فهي خجولة وتكاد لا تخرج من المنزل إلا مع زوجها أو أحد إخوتها ولا تمتلك أي مهنة، وبدأ اليأس والإحباط ينتابنها شيئاً فشيئاً.
مع مرور الوقت بدأت دانة بالتفكير بالعمل لتأمين مصروف منزلها، وبحثت عن فرص عمل، وبعد فترة قامت الهيئة النسائية لدعم المرأة والطفل بمشروع توزيع الثياب للأيتام، وكان أولادها من بين الأسماء التي سيتم التوزيع لهم، وأثناء التوزيع تحدثت مع بعض المتطوعات وأخبرتهن بقصتها وحالتها، فقمّن بنقل الموضوع إلى مديرة الهيئة، التي اتصلت بها وأخبرتها أنها تستطيع التطوع معهم في الهيئة، ولكن بدون أجر.
بعد ذلك بدأ الأمل وأصبحت أكثر نشاطاً وحيوية رغم أنها تغيب طوال اليوم عن أطفالها ومنزلها ولكنها كانت سعيدة جداً بقضاء الوقت مع الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، ومتفائلة بالحصول على الوظيفة التي تلبي احتياجات أطفالها.
بقيت دانة على هذه الحال مدة سنة تقريباً دون أن تحصل على أجر مادي، وبعد فترة تطوعت مع جمعية “حنين وطن” وأصبحت مديرة علاقات عامة، وتقول: “كانت المسؤولية تكبر، إذ بات ملقياً على عاتقي تأمين احتياجات النساء الأرامل والأيتام، مع ذلك كنت عندما أرى البسمة على وجوه الأطفال أنسى كل التعب”.
بعد ذلك التحقت دانة مع منظمة بنفسج كمتطوعة لاستقبال أهالي الغوطة في قلعة المضيق، وبقيت متطوعة مدة ثلاث سنوات، عملت خلالها مع children of Syria)) بمنصب مديرة جمعية، ومع جمعية ( Amna ) منسقة ميدانية، ومع جمعية ( ماري سارة ) لوجستية. وأخيراً في عام ٢٠١٩ تم قبولها في منظمة ( IYD ) في جمع البيانات بمرتب شهري ٢٥٠$.
كان النجاح الأكبر بالنسبة لدانة أنها استطاعت أن تكسر حاجز الخجل والألم والوحدة خلال زمن قياسي، وتستمر وتناضل من أجل أطفالها، وكانت الفرحة الكبرى لها رسم البسمة والفرحة على وجوه الأطفال الأيتام خلال سنوات التطوع.