من مستخدم إلى ضحية.. كيف تحمي بياناتك من الاختراق؟

بعيدًا عن أعين الناس، يحاول كل شخص أن يتمتع بخصوصيته في فضاء رقمي خاص، في وقت يجهل كثيرون أنهم قد يقعون في فخ المراقبة في عقر دارهم، حتى لو نجوا من عيون الآخرين. حيث يطور القراصنة باستمرار أساليبهم لاختراق الأجهزة وسرقة المعلومات والبيانات الشخصية للمستخدمين، من خلال نشر روابط خادعة أو تطبيقات غير موثوقة تبدو آمنة في الظاهر لكنها تحمل في طياتها تهديدات خطيرة.

وفقًا لمختصة الأمن الرقمي آلاء سيجري، مهندسة معلوماتية ومهتمة في مجال الاختراق والأمن الرقمي، فإن الهجمات الإلكترونية لم تعد تتطلب مهارات قرصنة متقدمة، بل يمكن تنفيذها بسهولة عبر استغلال ثغرات بسيطة أو التلاعب النفسي بالمستخدم، مما يجعله يقع في الفخ دون أن يشعر.

التزييف العميق.. احتيال ذكي

تعد تقنية التزييف العميق (Deepfake) واحدة من أخطر الأدوات التي يعتمد عليها القراصنة في الاحتيال على المستخدمين، هذه التقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية مزيفة تبدو حقيقية، حيث يمكن استخدامها لإقناع الأشخاص بإرسال بيانات حساسة أو تحويل أموال. مع التطور السريع في هذه التقنية، أصبح كشفها صعبًا حتى على المستخدمين الحذرين.

تقول آلاء إن هناك أدوات مجانية يمكن أن تساعد في اكتشاف الفيديوهات المزيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي، لكن ما تزال المشكلة قائمة، لأن المحتالين يجدون دائماً طرقاً جديدة لجعل خداعهم أكثر إقناعاً، لذا من الضروري التحقق دائماً من مصدر أي فيديو أو تسجيل صوتي قبل تصديقه أو التعامل معه. حيث أن التصيد الإلكتروني لم يعد يقتصر على رسائل البريد العشوائية التي يسهل التعرف عليها، بل أصبح أكثر تعقيدًا مع استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك الضحية وصياغة رسائل تصيد مخصصة بدقة، هذا التطور يجعل من الصعب تمييز الرسائل الاحتيالية عن الحقيقية، حيث تأتيك برسائل تبدو وكأنها من أشخاص تعرفهم أو من مؤسسات موثوقة تطلب منك تحديث بياناتك أو إدخال معلومات حساسة.

للحماية من هذا النوع من الهجمات، تنصح “آلاء” باستخدام أدوات متخصصة مثل Norton 360 Deluxe، الذي يوفر حماية متقدمة ضد التصيد الإلكتروني، أو Bitdefender TrafficLight، وهي إضافة مجانية للمتصفح تحذر المستخدم من الروابط المشبوهة في البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية، كما يجب دائمًا التحقق من صحة الرسائل وعدم التسرع في الضغط على أي رابط قبل التأكد من مصدره.

برامج الفدية.. ابتزاز مقابل المال

تعد برامج الفدية (Ransomware) من أخطر التهديدات الإلكترونية، حيث تعتمد على تشفير بيانات المستخدمين أو المؤسسات، ثم يطلب المهاجمون فدية مالية مقابل فك التشفير. في السنوات الأخيرة شهد العالم هجمات مدمرة استهدفت مؤسسات حيوية، مثل المستشفيات والبنوك، مما أدى إلى خسائر بملايين الدولارات وتعطيل الخدمات الأساسية. وللحماية من هذه الهجمات، من الضروري استخدام برامج أمنية متخصصة مثل Malwarebytes Premium، الذي يكشف ويمنع برامج الفدية قبل أن تصيب الجهاز. أو RansomFree، وهو برنامج مجاني يوفر حماية ضد هذه الهجمات ويوقف أي أنشطة مشبوهة قبل حدوثها. إضافة إلى ذلك، ينصح بحفظ نسخة احتياطية من البيانات المهمة على جهاز غير متصل بالإنترنت، حتى لا يكون من السهل تشفيرها من قبل القراصنة.

التصيد الإلكتروني.. ثقة المستخدم هي الهدف

لم يعد التصيد الإلكتروني مقتصراً على البريد الإلكتروني فقط، بل توسع ليشمل الرسائل النصية ومواقع التواصل الاجتماعي، وحتى المكالمات الهاتفية التي يدعي فيها المحتالون أنهم يمثلون بنوكاً أو جهات رسمية. يعتمد المهاجمون على استغلال ثقة الضحية، حيث يرسلون رسائل تحمل روابط تبدو شرعية، لكنها في الواقع مصممة لسرقة بيانات تسجيل الدخول أو المعلومات المالية. حتى لا يقع المستخدم في هذا الفخ يمكن الاعتماد على برامج مثل McAfee Total Protection الذي يمنع الوصول إلى المواقع المزيفة.

لكن الأهم من ذلك، هو عدم التسرع في إدخال أي معلومات شخصية عبر الإنترنت دون التأكد من مصدر الطلب.

 

التطبيقات المشبوهة.. بوابة خفية للاختراق

تعد بعض التطبيقات غير الموثوقة وسيلة فعالة للقراصنة لاختراق الأجهزة وسرقة البيانات، حيث تطلب أذونات غير ضرورية، مثل الوصول إلى الكاميرا والميكروفون وجهات الاتصال دون سبب واضح. وينبغي تجنب تنزيل التطبيقات من مصادر غير موثوقة، والاطلاع دائمًا على المراجعات والأذونات المطلوبة قبل التثبيت.

ذكرت آلاء أنها تعاملت مع العديد من حالات الاختراق، وكان آخرها حالة ياسمين، شابة من إدلب، التي تعرض هاتفها الأندرويد لاختراق خطير بعد تحميلها تطبيق “لعبة” من مصدر غير موثوق. لم تمضِ فترة طويلة حتى فوجئت بأن حسابها على فيسبوك قد تم اختراقه، وبدأ المهاجم بتهديدها بصور خاصة. ورغم أنها لم تنشر هذه الصور على حسابها مطلقًا، اكتشفت أن المخترق تمكن من الوصول إلى استديو الصور في هاتفها، مما يعني أن الاختراق لم يقتصر على حسابها الشخصي، بل طال جهازها بالكامل.

الروابط المزيفة.. ضغطة تحول المستخدم لضحية

تعتمد العديد من الهجمات الإلكترونية على الروابط المزيفة التي تبدو كأنها تعود لمواقع حقيقية، مثل مواقع البنوك أو البريد الإلكتروني، بهدف خداع المستخدم وإقناعه بإدخال بياناته الشخصية. بمجرد الضغط على الرابط، يتم تنزيل برمجيات خبيثة قادرة على التجسس أو التحكم بالجهاز.

فاطمة، إحدى ضحايا الروابط المزيفة لم تتوقع أن ضغطة واحدة على رابط قد تؤدي لاختراق بياناتها. تلقت رسالة عبر واتساب بدت وكأنها من منظمة تقدم مساعدات مالية، مرفقة برابط تسجيل. دون أن تشكك في الأمر، فتحت الرابط وأدخلت بياناتها الشخصية، بما في ذلك رقم هاتفها وصورة عن هويتها.

بعد ساعات، تم تسجيل خروجها من حسابها على فيسبوك، ولم تعد قادرة على الوصول إلى بريدها الإلكتروني. لاحقًا، تلقت رسالة تهديد من مجهول، يطالبها بدفع مبلغ مالي مقابل استعادة حساباتها وعدم استغلال بياناتها الشخصية.

توضح آلاء سيجري أن ما حدث مع فاطمة هو تصيد إلكتروني متقدم، حيث استغل المهاجم ثقتها بالرسالة لخداعها وسرقة بياناتها. في مثل هذه الحالات، يجب الإبلاغ فوراً عن الاختراق، وتغيير جميع كلمات المرور، وتفعيل المصادقة الثنائية لتأمين الحسابات.كما يجب التحقق دائمًا من صحة عنوان URL، إذ قد يستخدم القراصنة خدعًا بسيطة، مثل تغيير حرف واحد فقط في العنوان لخداع المستخدم.

تشدد آلاء سيجري على أن الوعي هو خط الدفاع الأول ضد الاختراقات، لذا لا يجب تكرار كلمات المرور أو الاستجابة لرسائل تطلب معلومات شخصية. التحديث المستمر للأجهزة وتفعيل المصادقة الثنائية يظلان من أهم وسائل تأمين الحسابات الحساسة.

في عالم تتطور فيه الهجمات الإلكترونية بشكل سريع، لا بد أن يكون المستخدم أكثر وعياً وحرصاً، وأن يستخدم الأدوات المناسبة لحماية بياناته.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى