الأسد حوّل سوريا من بلد الأبجدية والحضارات إلى بلد المخدرات

 

بعد حرب النظام السوري على الشعب وما تسببه قمعهم بشتى أنواع الأسلحة والآليات السورية والدولية من خسائر مادية فادحة وبعد قانون قيصر والعقوبات على رأس النظام والمقربين منه والداعمين له, لم يقف الأسد عاجزاً, بل أبدع في خلق مصادر ثروة بطرق ملتوية, ضرب فيها بالعقوبات الدولية عرض الحائط, وذلك بزرع وتصنيع وتوزيع المخدرات على دول العالم بأسره حتى أصبحت هي الدعامة التي يقوم عليها النظام السوري, وبهذا حول الأسد سوريا إلى دولة المخدرات ومرتعه في العالم, وأصبحت بدل تصديرها للعلم والثقافة والحضارة تصدر الداء والبلاء!

المسؤول عن إنتاج السم وبثه في العالم

بحسب تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز”، إنّ أغلب عمليات إنتاج وتوزيع المخدرات في سوريا تتم بإشراف الفرقة الرابعة في الجيش السوري والتي يقودها “ماهر الأسد” ومجموعة رجال أعمال مقربون من النظام السوري، وميليشيا “حزب الله” اللبنانية, والجدير بالذكر أن سوريا لديها جميع مقومات الإتجار بالمخدرات, كامتلاكها خبراء بصناعة “الكبتاجون”، ومعامل لصنع معدات تخبأ فيها الحبوب، ومرافئ متصلة بممرات الشحن في البحر الأبيض المتوسط، وطرق تهريب برية إلى الأردن ولبنان والعراق، بحماية أمنية على مستوى الدول المذكورة من كلا الطرفين.

ولأن “الأقربون أولى بالمعروف” لم يكتفِ الأسد بتصدير المخدرات بأنواعها كافة للعالم، بل أفاض على شعبه منها حتى غرقت البلاد بمدنها ومناطقها الواقعة تحت سيطرته وخارجها فأصبحت بمتناول الجميع، كباراً وصغاراً وشيوخاً.

أما عن مناطق تصنيع الكبتاجون وغيرها من المخدرات، فإنها تنتشر في مناطق  سيطرة النظام وحزب الله اللبناني وقرب مرفأ اللاذقية بعدة خطوط رئيسية للتهريب، الأول عند نقاط التقاء بلدتي نبل والزهراء الواقعتين تحت سيطرة ميليشيا ترتبط بحزب الله اللبناني ومنها إلى المناطق المحررة، وخط يمتد من بلدة دير حافر بريف حلب، إلى منبج الواقعة تحت سيطرة “قسد”، ومنها إلى مناطق شمال شرقي سوريا، وصولاً إلى العراق

الدجاجة التي تبيض الذهب للسادة

بعد التقسيم الذي تعرضت له سوريا وبعد تغيُّر إدارة المناطق وسيطرة كيانات منفصلة تهدف كلاً منها لشيء مختلف وتقدم الولاء لجهة مختلفة تناسب طموحاتها، اختلفت وتخالفت فيما بينها في كل شيء باستثناء السعي نحو الثروة والحفاظ على السلطة على حساب الشعب ومستقبل البلاد، فاتفقوا دون قصد وتخطيط على التواطؤ مع النظام وأعوانه وعقد الصفقات معهم فوق الطاولة أو تحتها، الصفقات التي تسببت بانتشار المخدرات في جميع المدن والأرياف السورية, فلا جدوى من مخاطبة من يحكمون لأنه وعلى اختلافهم، فالهدف يجمعهم, الثروة!

فهل يعقل أن يقتلوا دجاجة تبيض ذهبًا؟

 

أسلحة الأسد لا تنفذ

لم يحارب الأسد وأعوانه الشعب بالسلاح فقط، بل بثوا السموم في كل شبرٍ من سوريا وأغرقوها بالمخدرات بغية تدمير المجتمعات والأجيال بالكامل وخاصة الخارجة عن سيطرتهم ولإفشال مخططاتهم في النهوض في البلاد وجعلها أفضل مما هي عليه ولإفراغ العقول وإشغالها عن تحقيق أيُّ فائدة أو إنجاز يذكر، فوقع الكثير منهم في شركهم، وخاصة من فئة الشباب والمراهقين.

وحسب إفادة أحد العاملين في مركز متخصص في علاج حالات الإدمان في أحد مناطق ادلب المحررة، بأن مركزهم فقط يستقبل شهرياً 35 حالة بشكل وسطي ممن يعانون من حالات الإدمان بشكل عام، وتختلف الحالة من شخص لآخر، كالإدمان على الكحول أو أدوية الهلوسة أو تعاطي المخدرات وغيرها، ومما لا شك فيه أن كثيراً من المدمنين لا يملكون الرغبة في العلاج أو الجرأة للذهاب للمراكز المتخصصة، من هنا نستطيع تقدير حجم الكارثة المتفشية في المجتمع مع غياب الإحصائيات الدقيقة لعدد المدمنين، وغياب القانون الرادع والوعي الكافي.

 

سجادة حمراء تمهد طريق العودة للإطباق على عنق الشعب المتمرد

كثرة الصعوبات التي واجهت “الأسد” و”حزب الله” في تصدير المخدرات لدول العالم العربية والغربية وشدة الرقابة على البضائع القادمة من مناطق سيطرتهم ومصادرة كميات كبيرة من المخدرات, أجبرت الأسد وشركاءه لسلك طرق أخرى في تصريفها فتم إدخالها للشمال السوري الخارج عن سيطرتهم بالتواطؤ مع شخصيات عسكرية مسؤولة عن المعابر, وحسب مصادر أمنية أن التجار العاملين لدى النظام بدأوا بابتزاز تجار المخدرات في الشمال السوري وباتوا يطلبون بيعهم المخدرات مقابل السلاح لا المال, بمعنى بيع مواد بقيمة مليون دولار مقابل أسلحة بقيمة مليون دولار من المحرر, فيقوم التاجر بتأمين الأسلحة بشرائها من فصائل عسكرية أو تجار أسلحة مما تسبب في مضاعفة أسعار السلاح في المحرر, والغاية من هذه العملية ليست تغطية نقص الأسلحة لدى النظام وإنما إفراغ المحرر من السلاح المخصص لحماية المدنيين ومنع تقدم قوات النظام واستعادة ما خرج من المناطق والشعوب عن سيطرتهم, وهذا ما لا يدركه تجار الحروب في عملهم بأن يمهدوا طريق النظام للإطباق على الشعب والتسلط على رقابه من جديد.

 

العقل سيد الأحكام

مع زيادة الفوضى وغياب القانون وفساد القضاء وترك محاسبة المتعاطي والمروج وتاجر المخدرات، بالإضافة لكثير من الحالات التي تم فيها إطلاق سراح بعض التجار رغم ضبط  شاحنات أو معامل تصنيع أو أراضي تم زراعتها بالحشيش مقابل رشوة أو (واسطة) بالإضافة للبطالة ورداءة الحالة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية زاد عدد المدمنين بشكل مخيف، وزاد معه معدل الجريمة، وفي كثير من الاحيان عند البحث في السبب نجد بأن القاتل أو المعتدي مدمن، لا عجب فإن المخدرات تُذهِب العقل، فالعقل سيد الأحكام.

ما بين الضبط والتواطؤ

كثيراً ما تعبر الشحنات المحملة بالمواد المخدرة دولياً بتواطؤ من عناصر أو شخصيات عسكرية من الطرفين وأحياناً يتم ضبطها أثناء عبورها، خلال الأشهر الماضية القريبة فقط دول عديدة صرحت بضبطها لشحنات كبيرة من المخدرات القادمة من سوريا جواً أو بحراً وبطرق مختلفة، والأردن بدوره أيضاً صرح بأن مهربي المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية يستخدمون في بعض العمليات الطائرات المسيرة التي قد تحمل كمية لا تتجاوز ال 1كغ من المواد المخدرة،

وأنه أحبط خلال عام 2021 فقط، 361 محاولة تسلل وتهريب مخدرات من سوريا إلى المملكة، وضبط قرابة 15.5 مليون حبة مخدر من أنواع مختلفة، وأكثر من 16 ألف عبوة “حشيش مخدر”، و2 كيلوغرام من مادة “الهيرويين”.

والسلطات العراقية أعلنت ضبط شحنة مخدرات كبيرة قادمة من سوريا على طريق الأنبار في صناديق شركة يونيفار الدوائية، وغير العراق والأردن الكثير من الدول، مثل السعودية ومصر وتركيا وإيطاليا واليونان والإمارات، والجدير بالذكر أن صادرات مخدرات سوريا لعام  2020 نحو3.46  مليار دولار.

بالإضافة لضبط الفصائل العسكرية المسيطرة في المناطق المحررة لشاحنات محملة بالمخدرات,  ففي 12شباط 2022 ضبط جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام مليون حبة مخدّر في معبر “دارة عزة” أثناء محاولة عبورها لإدلب, وغيرها الكثير من الأمثلة عن ضبط شحنات وافلات اكثرها، مما دفع الفصائل للقيام بعدة حملات للقبض على تجار المخدرات والمروجين لها, كان آخرها قبل عدة أيام من قبل هيئة تحرير الشام الفارضة سيطرتها على ادلب وريفها، وقبلها حملة قام بها الجيش الوطني السوري في مناطق سيطرته في ريف حلب أسفرت العملية على القبض على بعض التجار والمروجين.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى