شرار

هذه اللقطة من إصدار الجبهة الوطنية للتحرير في معركة السيطرة على النيرب في نهاية شباط من العام الفائت.
على أهمية الإصدار المرئي في تفسير الواقع الميداني ومدى تأثير التدخل التركي في المعركة حينها، إلا أن ما علق ببالي من الدقائق التسعة هذه اللقطة.
على مر الحروب كان من عادة المقاتلين تسمية أسلحتهم كما فعل الرقيب كولير (براد بيت) عندما أطلق على دبابته اسم fury (الغضب الشديد)، ولكل أسبابه في انتقاء الاسم.
اسم شرار لم يأت عبثاً فهو الأنسب لرشاش 23 ملم الذي يمتد لهب فوهتيه لمترين وهذه نقطة ضعفه في المعارك الليلية.. كل شيء في سوريا بدأ بشرارة وتوالت الانفجارات بعد الانفجار العظيم انفجار الثورة السورية.
قد نفقد الإيمان ونفقد الأمل ونفقد الصبر ونفقد رفاق الدرب.. قد يصبح النصر في معركة واحدة حلماً.. قد تطفئ برودة الأجواء في خط الجبهة العزيمة ولهيب الروح.
ربما تصبح التضحية أمراً صعباً وسط أسئلة الجدوى وموجة الاتهامات للمقاتلين.. ربما تتظاهر أنك محور صمود الخط كاملاً وعند اللقاء تستسهل الانسحاب وتلفظك الأرض المحروقة
ربما لا تغني عنك جعبتك المثقلة بالرصاص ودماء الرفاق برودة الشتاء، وربما لا يساعدك تعرق الصيف في تبريد لهيب جسدك.. ربما يزعجك طين الليل عندما يجف على جبينك مع سطوع شمس صباح المعركة.
ربما تخنقك الذكريات.. لا لأنها ثقيلة، بل لأنها تثقل روحك ولا تدع لك مجالا للرجوع ودفن سلاحك.
ربما يرهقك التفكير في إطعام أطفالك وزوجتك يوم غد وما بعد غد.. التفكير في أن الخيمة التي ألجأتهم إليها وسط المعركة الماضية اهترأت وتمزقت.
ربما يزعجك كثرة التنظير على الفيسبوك.. ربما يخيفك أن تبدأ جولة أخرى ويزورك القادة لالتقاط صورة معك.
ربما نفقد النار… لكنك تبقى الشرارة
ربما وربما وربما… لكن ها أنت ذا.. درعنا إذا ما تجرأ الأعداء.. أملنا بشبر أرض أخير.. عيوننا التي تستطيع أن ترى بيوتنا التي تركناها خلف خط النار.. يدنا التي تلوح لها كل صباح من خلف دشمتك.. ثأرنا المفقود ليطفئ حزن الأمهات والأرامل والأيتام والشيوخ
ها أنت ذا بطلنا نفخر بك حياً وميتاً
عبدالله الموسى
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى